تتسابق عشرات الفرق العلمية حول العالم هذه الأيام في محاولة لتحقيق سبق علمي رائد، يتمثل في كشف حقيقة المادة السوداء التي تشكل النسيج الجامع غير المرئي لمجرات الفضاء، وصولاً إلى معرفة طبيعة تركيب أحد أغرب عناصر الكون، المعروف باسم الطاقة السوداء.
فإلى جانب أهمية هذه الأبحاث في تطوّر مسيرة البشر وتحديد ماضي ومستقبل الكون، فإن الطاقم الذي سيحقق هذا الاكتشاف العلمي سيشق طريقه بكل تأكيد نحو جائزة نوبل.
ورغم التطور الكبير الذي شهدته التكنولوجيا الخاصة بأبحاث الفضاء، إلا أن الأجهزة المتوفرة بين يدي البشر حتى الساعة تبقى عاجزة عن سبر غور تلك المادة أو تحديد ماهيتها الحقيقية.
وفي سبيل ذلك، أكدت التقارير أن هذا السباق العلمي المفتوح دفع كل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكندا وروسيا وإيطاليا إلى إعداد مختبرات تحت الأرض في دراسة هذه العناصر، وتجري الاختبارات بشكل سري ومعزول للتخلص من تأثير الأشعة الكونية التي قد تفسد الاختبارات.
ويأمل العلماء أن تؤدي الأبحاث إلى رصد عناصر تدعى WIMPS، يفترض العلماء أنها داخلة في تركيب هذه المادة الغامضة.
أما جامعة كولومبيا الأمريكية فقد أعلنت أنها نجحت في تطوير جهاز أكثر تقدماً يدعى XENON 10 قادر على ضمان عزل أفضل للمادة السوداء.
وستطلق وكالة الفضاء الأمريكية، "ناسا" العام المقبل تلسكوبا جديدا يدعى GLAST لدراسة أشعة "غاما" التي يظن العلماء أنها ناجمة عن تصادم ذرات المادة السوداء.
ويبدو الجهد منصباً حالياً على بناء أجهزة رصد خاصة فائقة التقدم لضمان معرفة أفضل بالمادة ومكوناتها، وإن اقتضى الأمر اللجوء إلى تقنيات اختبارية، وفي هذا السياق، قال شين كارول، أخصائي الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للعلوم، "نحن نعيش اليوم في العصر الذهبي لأبحاث المادة السوداء."
وأضاف: "الأمور تبدو جاهزة لتحقيق اختراق نوعي في هذا الإطار،" على ما نقلته وكالة الأسوشيتد برس.
وتعتبر معلومات العلماء حول المادة السوداء حتى الآن شديدة التواضع، إذ أنها تقتصر على اعتبارها مكونة من ذرات غريبة ومتناهية في الصغر، بقيت بعد الانفجار الكبير Big Bang، الذي ولد منه الكون قبل 13.7 مليار سنة.
ويعتقد أن المادة تشكل ربع كتلة الكون، وقد أطلق عليها العلماء هذا الاسم كون ذراتها لا تطلق نورا أو حرارة، والطريقة والوحيدة لإثبات وجودها هي بقياس توازن الجاذبية بينها وبين سائر الأجرام السماوية.
وقد سبق لمختبر إيطالي أن أعلن عام 2000 أنه نجح عبر إحدى تجاربه في اكتشاف آثار المادة السوداء، غير أن ادعاءاته لم تقبل علمياً لعجزه عن تكرار التجربة.