عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 15:46
"ذاك النجم غير موجود على الخريطة"
لقد دوت هذه الكلمات التي جهر بها طالب علم الفلك (H.L. درست) في أرجاء قبة مرصد برلين ليلة 23\9\1846، و منذ ذلك الحين مازال صداها يتردد قي المعاهد الفلكية.
"فعندما بسطت خريطة نجمية على المنضدة أمام (درست)، كان يقوم حينذاك بمساعدة أستاذ علم الفلك ( G.J. كالي) على تفحص تنبؤ غير عادي طرحه عالم الرياضيات (J.J.U لوفرييه) فقد وضع هذا العالم الفرنسي فرضية مفادها أن كوكب أورانوس – الذي كان حينذاك أبعد الكواكب المعروفة عن الشمس- كان يبتعد عن مداره بسبب السحب التثاقلي gravitational pull لكوكب غير مرئي. وكان (لوفرييه) قد بعث قبل خمسة أيام فقط إلى (كالي) رسالة قال فيها: "سترى أنني أثبت أنه لا يمكن تفسير أرصاد أورانوس إلا بافتراض تأثير كوكب جديد غير معروف حتى الآن؛ و الجدير بالذكر هنا أن ثمة موقعا واحداً في دائرة البروج يمكن أن يوجد فيه هذا الكوكب الذي يولد الاضطراب في حركة أورانوس.
وبعد أقل من نصف ساعة أمضاها (كالي) في الرصد، اكتشف قرصا صغيرا أزرق اللون يبعد نحو درجة واحدة عن ذلك الموقع. و عندما رصد هذا الجسم ثانية في الليلة التالية، وجد أنه غير موقعه قليلاً – وهذه أماره ضمنية على أن الجسم لم يكن نجما. وإذ ذاك كتب مباشرة إلى (لوفرييه) يقول: "إن الكوكب الذي أشرت إلى وجوده موجود فعلاً!"
إن قصة البحث الرياضياتي الذي كان يجرى بسرية، و اكتشاف الكوكب الذي اسماه لوفرييه نبتون، هي واحدة من أشهر القصص المتداولة في تاريخ علم الفلك. و من القصص المعروفة أيضا الجدل الذي أثير عندما ظهر للعيان، مباشرة بعد إعلان (كالي) عن هذا الاكتشاف، أن عالم رياضيات إنكليزيا صغير السن، و ذا شهرة محدودة، اسمه ( C.J. آدامز) عالج المسألة نفسها و توصل إلى تحديد الموقع نفسه تقريباً، قبل أن يفعل (لوفرييه) ذلك.
استقبل الفلكيون الفرنسيون ادعاء (آدامز) بالتشكك؛ لكن يبدو أن ادعاءه تلقى دعما قويا يتضح في وثيقة رسمية موجودة في سجلات الجمعية الفلكية الملكية (RAS) تتضمن كلمة ألقاها عضو الجمعية (B.G.إيري) في اجتماع لهذه الجمعية عقد بتاريخ 13\11\1846. و قد أكد إيري في كلمته أنه علم بالموقع الذي تم التنبؤ به من رسالة بعث بها إليه (آدامز) في خريف عام 1845، و أنه أجرى عملية بحث غير معلنة عن الكوكب في فصل الصيف التالي. و قد أسفرت كلمته عن إجماع على أن (آدامز) و (لوفرييه) يحظيان بنصيبين متساويين من شرف هذا لاكتشاف.
ليست معظم روايات هذه الحكاية الشهيرة سوى صيغ مكررة لما ذكره (إيري). وقد نسبت سمة مميزة إلى كل واحد من أبطال هذه الروايات (لوفرييه)و (آدامز)و (إيري)و ( J.تشاليس) –الفلكي في جامعة كامبردج- الذي أجرى عمليات البحث البريطانية. فـ (آدامز) كان البطل الخجول الذي أُبِّن في كجلة الجمعية الفلكية الملكية بوصفه "أعظم فلكي رياضياتي انكليزي، باستثناء نيوتن فقط." و قد قيل أن (آدامز) و (لوفرييه) كليهما تساميا فوق المنافسات القومية بين بلديهما و صارا صديقين مدى الحياة. و في المقابل، كان ينظر إلى (تشاليس) بوصفه شخصاً قوّالاً، اتسمت عمليات بحثه بعدم الاتقان. أما (إيري) فكان يمثل البيروقراطية الصميمة. و في عام 1976 وصفه (سيمون) بأنه شخص حسود و التفكير كما انه يدير مرصد كرنتش بأسلوب استبدادي و انه انسان ضيق الأفق مهووس بالتفاصيل ومن ثم كان لا يرىتاصور الشاملة للأشياء و قد كان هذا الشخص البغيض الى حد مثير للغثيان و هو الذي حاول ادمز الأتصال به
و على مر السنين ظل بعض الفلكيين يتسائلون عن صحة قصة اكتشاف نيبتون و كان احد اوائل هؤلاء قبل نصف قرن الفلكي البريطاني (m.w سمارت) الذي ورث مجموعة من الأبحاث العلمية التي اجراها (آدامز)و في اواخر الثمانينات من القرن الماضي عثر (تشابمان) من جامعة اكسفورد و (w.r سميث) الذي كان حينذاك في جامعة جونز هويكنز على وثائق إضافية لها علاقة بهذا الشيئ و منذ اواخر القرن الماضي قطع (d. رولنز) شوطا ابعد عندما ذكر ان فلكيي تاقرن التاسع عشرالبريطانين قاموا بتزييف او انهم على الأقل اضافوا شيء على ملف قصة اكتشاف كوكب نبتون
كان من الممكن الكف عن هذه الشكوى لو تمكن الفلكيين من الأطلاع على الوثائق الحقيقية التي ذكرها (إيري)لكنهم عندما كانوا يطالبون الكلاع على الملف هذه الوثائق بدأ من منتصف القرن الستينيات كان القيمون على المكتبة مرصد كرنتش الملكي يقولون لهم غير موجود وقد كان وجوده سريا مثل قصة نبتون ذاتها فكيف يمكن ان تظل الوثائق المتعلقة بحدث من اهم الأحداث و اروعها في تاريخ الفلك مفقودة طوال هذه الفترة؟
وقد اشتبه بقوة كل من (رولنز)و موظفي المكتبة في ان يكون الملف موجود في حوزة عضو الجمعية الملكية أيكن الذي كان المساعد الأول لرئيس الجمعية في بواكير الستينات فقد استعار الملف ليكتب مقالات عن السيرة الذاتية ل(إيري) و (تشالس) و بذالك كان اخر شخص معروف استعار الملف بيد ان ايكن الذي رحل بعد ذلك الى استراليا ثم الى تشيلي انكر وجود الملف لديه ثم ان موظفي المكتبة الذين خشوا ان يقوم ايكن بإتلاف الوثائق ليخفي اثارها احجموا عن الضغط عليه بقوة لستلامها تفقد شقته
و ظل الأمر سرا الى شهر /101998 و ذلك بعد مرور اكثرمن ثلاثين سنة على اخرمرة شوهد فيها الملف فعندما مات ايكين في /10/21998 و بدا زملائه تفقد شقته في معهد تشيلي للعلوم الفلكية عثروا على الوثائق و الكتب التي تجاوز وزنها ال 100 كيلواغرام في صندوقي شاي كبيرين و اعادوها الى جامعة كمبردج حيث توجد الان محفوظة في مرصد كرنتش الملكي
ان استرداد مثل هذا الكنز و كذالك اكتشاف وثائق اخرى لها صلة بالموضوع في محفوطات اخرى سمح لنل بإعادة كشف نيبتون من منظور اخر
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 15:47
انحراف عن المسار
ان الكواكب الخمسة عطارد و الزهرة المرخ المشتري و زحل ترى بسهولة بالعين المجردة ومن ثم هي معروفة منذ غابر الأزمان و اول كوكب اكتشف بواسطة مقراب هو أورانوس ففي ليلة13\3\1781 كان هيرشل ينفذ ما اسماه مراجعة السماء وهي عملية مسح منهجية لمحتويات السماء في الليل بمرقاب عاكس قطر فتحته ستة انشات عند ذلك اكتشف في الحال أن القرص الدقيق ذات اللون الأصفر المشحوب بالخضرة الذي كان يجتاز كوكبة الجوزاء هو دخيل عليها و ربما كان مذنبا لكن الأرصاد و الحسابات اللاحقة التي أجراها الفلكيون آخرون بينت أن جرم هيرشل لم يكن مذنبا لان لمدار المذنب شكلا اهليلجيا شديد التطاول لقد كان الجرم السماوي كوكبا مستوفي الصفات يتحك حول الشمس في مدار مستقر دائري تقريبا و يبعد عن الشمس نحو ضعف بعد زحل تقريبا
و فكرة أن منظومتنا الشمسية تأوي عالما كاملا أخر كانت قد أسرت فلمي ذاك الوقت الذين كانوا قبل ذالك يرفضون هذه الفكرة لذا قد اخذوا يراجعون الفهارس النجمية التي وضعها راصدون سابقون و توصلوا إلى أن الكوكب الذي أعطاه الفلكي الألماني بودي اسم أورانوس شوهد فعلا 20مرة قبل عام 1781 أحداهما في وقت مبكر عام 1690 لكنهم كانوا يظنوه نجما و في عام 1821 جمع الفلكي الفرنسي بوفار جميع أرصاد أورانوس زو عند إذ واجه مشكلة كبيرة فحتى بعد إدخاله التأثيرات التثاقلية للكوككبين العملاقين المشتري و زحل لم يتمكن من التوفيق بين بيانات اورانوس التي حصل عليها و بين قوانبن نيوتن في الحركة و التثاقل فهل كانت القوانين خاطئة؟
هل كان يتخلل الفضاء وسط مقاومة يؤخر تقدم الكوكب ؟او هل كان من المحتمل تأثر اورانوس بعالم مجهول اخر ؟
و كما أن المادة االخفية هي التي تولد ارباكا شديد لفلكيي هذه الايام فان انحاف اورانوس عن مداره كان يسبب ارباكا مماثلا لفلكيي القرن التاسع عشركان الفلكي الالماني العظيم بيسل ينةي النظر في هذه المشكلة لكنه توفي قبل أن يتمكن من انجاز الكثيرفي اتجاه حلها و قد نشر اوفرييه اول بحث كامل في هذا الموضوع بتاريخ 1 \1\1846 في مجلة الاكاديمية الفرنسية للعلوم تنبا بسل في بحثه هذا بأن ثمة كوكبا سيجتاز مدار اورانوس وانه سيعثر عليه في مدار متوسط قدره 325 درجه في اليوم الاول من كانون الثاني عام 1847 وقد وصلة المجلة الى انكلترا و حالما قراء ايري تذكر انه رأى نتيجة مشابهة في خريف 1845 مكتوب بشكل يعوزه الترتيب على قصاصة من الورق تركها له زميل من كلية سينت جون التابعة لجامعة كمبردج
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 15:48
سماوي
كان اسم هذا الزميل أدمز و كانت حياته مماثلة لحياة نيوتن في بعض النواحي فكلاهما ترعرع في الريف الانكليزي نيوتن هو ابن فلاح من لاكنشر و ادمز ابن محاصص من كورنوول و كان كل منهما مهتما منذ مرحلة مبكرة من حياته بالانتظامات في الرياضيات و الظواهر الطبيعية ثم انهما كانا بدخلان اسافين او يحفران ثلما على النوافذ او الجدران بعتبارها علامات على الحركة الموسمية للشمس و قد كان لهما خصوصيات متشابهة بالعادات اعتدال في تناول الطعام و الشراب و صعوبة بالارضاء و قدر كبير من الشكوك الدينية و قد كان معاصروهما ينظرون اليهما بوصفهما شخصين حالمين غريبي الاطوار و شاردي الذهن و ربما كان كلاهما يتبران في ايامنا هذه مصابين بمتلازمة اسبيركر التي تعرف احيانا بالمتوحدة بالذكاء
و عندما بلغ ادمز العاشرة من عمره لوحظ انه كان يمتلك موهبة استثنائية في الرياضيات جعلت احد معارف عائلته يعتبره طفلا معجزة و يقول لابيه :لو كان ابني لبعت قبعة راسي لارسله الى الجامعة قراء ادمز جميع كتب الرياضيات و الفلك التي وقعت عليها يداه و عندما كان في سن المراهقة حسب التوقيتات المحلية لحوادث الكسوف الشمسي الذي يرى في كورنوول—و هذه مهمة ليست بالسهلة في الأيام التي سبقت الحاسبات الالكترونية و الحواسيب. و ثمة أسطورة انتشرت بأنه كان يرصد السماء خلال اتكاءه على صليب سلتي celtic قديم قرب منزله، ولكن ضعف بصره منعه من التفكير في امتهان علم الفلك الرصدي. هذا وان اكتشاف كمية من المنغنيز، الذي يستعمل في صناعة الفولاذ، في ارض عائلته انتشله من الفقر و مكنه من الانتساب الى جامعة كمبردج.
و حال وصول ادامز إلى كمبردج عام 1939، برزت لديه قدرات العالم الفذ. و في هذا الصدد قال واحد من زملائه: "أصبت باليأس، لأنني ذهبت إلى كمبردج بآمال عريضة، لكن اول شخص قابلته كان شيئا يتجاوزني بلا حدود." و قد ظل ادامز بفوز بجميع الجوائز في الرياضيات التي قدمها الجامعة. بيد انه، من ناحية أخرى، بدا منسيا، و كأنه روح بلا جسد. و قد ذكره طالب آخر بوصفه "رجلا صغير الجسم، يمشي بسرعة، و يرتدي معطفا باهتا لونه اخضر داكن." و قالت عنه صاحبة الفندق الذي أقام فيه: "نادرا ما كنت اراه مستلقيا على الأريكة من دون أن يكون بجواره كتب أو أوراق... و كنت عندما أريد التكلم معه، كانت الطريقة الوحيدة لجذب انتباهه هي الصعود إليه و مس كتفه؛ كان الاتصال به أمرا صعبا."
و في الشهر 7\1841 ، عندما كان ادامز في منتصف مرحلته الجامعية، اكتشف خلال تجواله في مكتبة بكمبردج بحثا بعنوان "تقرير عن تقدم علم الفلك" كتبه إيري عام 1832، و أورد فيه الانحراف المتزايد لأورانوس عن مداره الذي حدده الفلكيون. و بعد قراءة هذا البحث، كتب ادامز في مفكرته ما يلي:سأقوم بأسرع وقت ممكن بعد حصولي على شهادتي الجامعية بدراسات حالات عدم الانتظام في حركة اورانوس، التي لم تفسر حتى الآن، و ذلك لمعرفة ما إذا كانت تعزى إلى تأثير كوكب لم يكشف بعد موجود وراء أورانوس
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 15:49
هواية ادامز
و خلال السنوات الخمس اللاحقة، يبدو أن ادامز كان يعتبر مسألة حركة اورانوس هواية. لم تكن المسألة مستعجلة، فقد كانت تنتظر حلا لها طوال سنوات. و بعد تخرجه عام 1843، تمكن من الحصول على بيانات رصدية لأورانوس عن طريق وسيط هو تشاليس، الذي كان مرصده يتطلب من ادامز قطع ميل مشيا على الأقدام ليصل إليه. و بسبب انشغاله بالتدريس، فقد كان ادامز يجري حساباته خلال إجازاته التي كان يمضيها في كورنوول. كانت الحسابات تتطلب جهدا وكدحا، لكنه كان يستمتع بهذا النوع من العمل.
و كتقريب أول، افترض أن الكوكب الافتراضي يقع على المسافة المتوسطة (38 وحدة فلكية، و هذه تعادل ضعف بعد اورانوس عن الشمس) التي تنبأ بها قانون بود Bode's Law –وهو علاقة تجريبية وفرت ، لأسباب مجهولة، المسافة المدارية لجميع الكواكب المعروفة. و باقتراح قيم حددها اعتباطا لوسطاء مدار كوكب افتراضي، حاول آدامز تخفيض البواقي residuals (التباين الحاصل بين الموقع المتنبأ به و الموقع المرصود لأورانوس) و ذلك بسلسلة من التقريبات المتتالية، و هذه طريقة تسلكها نظرية الاضطرابات التي صارت في وقت لاحق دعامة أساسية للفيزياء الرياضياتية.
وفي منتصف الشهر9\1845، بعث، بطريقة ما، إلى تشاليس النتائج التي حصل عليها في إحدى عطلاته الصيفية. لكن كيف حدث ذلك؟ لقد استنتج كثير من المؤرخين أن ثمة صفحة واحدة في ملف ادامز قد توفر إجابة على عن هذا السؤال: فهي تشير الى (الكوكب الجديد) و في حاشيتها تعليق كتب بيد تشاليس وهو "تسلّمت في الشهر 9\1845." لم\كن هذا الاستنتاج غير موثوق، فإضافة إلى ملاحظات أخرى، لم تكن عبارة "الكوكب الجديد" New Planet شائعة الاستعمال إلا في وقت لاحق. و ليس من الواضح إطلاقا أن ادامز بعث بنتائجه إلى تشاليس كتابة؛ ولو فعل ذلك، فربما ضاعت الورقة التي كتبت عليها هذه النتائج، و استنادا إلى الطبيعة الغامضة لطريقة إرسال النتائج، فليس مفاجئا أن يكون تشاليس قد وجد فيها ما يغريه برصد السماء في الليل. فكان يتشكك في قدرة نظرية الاضطرابات على التنبؤ بالمواقع الكوكبية بدرجة كافية من الدقة، و قد أوضح ذلك فيما بعد بقوله: "في حين كان الجهد المبذول في العمل أمرا مؤكدا، فان نجاحه غير مؤكد." بيد انه كتب تقريرا لإيري ذكر فيه أن ادامز أتم بعض الحسابات.
قرر ادامز القيام بزيارة لإيري في رحلة عودته الى كمبردج بعد قضاء عطلته في كورنوول. و بتاريخ 21\10\1845، عرّج على بيت إيري في كرينتش هيل مرتين، لكنه لم يجده. و ذلك أمر متوقع، إذ أن الزيارة لم تكن محددة بموعد سابق، ثم انها زيارة لواحد من أكثر الموظفين انشغالا في البلاد. لذا لم تتح قط للاثنين فرصة اتصال احدهما بالآخر. و مع أن بعض الروايات وجهت من دون حق اللوم إلى كبير خدم ايري لعدم تقديمه بطاقة ادامز لسيده، فقد اكتشفت حديثا رسالة من زوجة ايري تبرئ ذلك المسكين، وورد فيها أن البطاقة قدمت فعلا، لكن ايري كان خارج منزله.
ترك ادمز قصاصة من الورق لإيري هي الوثيقة الحاسمة التي تمثل المستند الاساسي للادعاء الاكتشاف البريطاني و قد ورد في هذه المذكرة الموجزة العناصر المدارية للكوكب الافتراضي و مدار هذا الكوكب بعيد جدا عن الشكل الدائري التام و بلغ طوله المتوسط 323 درجة 34 دقيقة بتاريخ 1\10\1845 و لو نظرنا فعلا الى ذلك الموقع في ذلك التاريخ لوجدنا أن نيبتون يبعد عنه نحو درجتين و هذه الدقة لا تعد بعيدة عن تلك التي حددها لوفرييه الموقع في وقت لاحق.
و فرت المذكرة أيضا أعمدة للبواقي التي قيمتها نحو ثانية قوسيه واحدة التي وضعها ادمز ضمن قائمة كي يثبت أن نظريته تفسر حركة أورانوس الشاذة لكن المذكرة من جهة أخرى لم تقدم معلومات عن النظرية التي طبقها ولا عن الحسابات التي أجراها للتوصل إلى قائمته تلك إلى ذلك فقبل أن يكون باستطاعة الراصد استعمال المعلومات لتوجيه مقرابه لابد أن يكون شخص فد ترجمة العناصر المدارية الوسطية إلى مواقع فعلية في السماء و قد جرى تحرير نسخة من المذكرة التي نشرها إيري في وقت لاحق لكن سقطت منها جملة مهمة و دلك في محاولة واضحة لإخفاء هذا العيب
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 15:50
سكوت يتعذر تفسيره
و مع أن كثير من النقاد يوجهون اللوم على إيري لإخفاقه في أدراك أهمية هذا البحث الخطير
الا ان إيري لم يهمله اد بعث برسالة الى ادمز جاء فيها:
انا شاكر جدا لك على النتائج التي اوردتها في بحثك الذي تركته لي قبل بضعة ايام و الذي يبين ان هناك اضطرابات اورانوس الناجمة عن كوكب له عناصر معينة مفترضة و تسرني جدا معرفة ما اذا كانت هذه الاضطرابات توضح مقدار نصف قطر اورانوس
و كان إيري يشير بطريقة غير مباشرة الى هذه الحقيقة اذ كان هو نفسه قد قرر بعد إجرائه سلسلة من الارصاد في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر ان اورانوس اضافة الى و جود انحرافات في خط طوله يبعد عن الشمس اكثر مما يجب و لو اجاب ادمز عن الاستفسار التي بعث به إيري اليه لكان إيري قد اخذ في البحث ففي الكوكب المفترض و عند اذ ربما نسب البريطانيون شرف اكتشاف نبتون كله إليهم لكن ادمز لم يجب ترى لماذا فعل ذلك ؟
لم يقدم ادمز إجابة مباشرة قط عن السؤال الحاسم و في سن متاخر قال انه اعتبر استفسار إيري إيري لا يستحق الإجابة عنه لكنه اعترف في بحث لخص فيه حسابات ة نشره بعد اكتشاف نيبتون ان الخطأ في تقدير نصف قطر مدار اورانوس كان كبير وفي الشهر 12\1846وجه سيدوكويك و هو جيولوجي من كمبردج سؤال الى ادمز عما اذا كان احجامه عن الرد يعود الى غيظه من عدم تمكنه من مقابلة إيري و كان جواب ادمز بالنفي لقد عزا عدم الرد بذلا من ذلك الى عادته في تأجيل الأمور و كرهه للكتابة.
و نحن نعرف الآن-من وثيقة اكتشفت عام 2004 ضمن مجموعة من أوراق ادامز العائلية في كورنوول- أن ادامز بدأ فعلا بكتابة رسالة الى ايري لكنه لم يرسلها إليه. و قد عبر في الرسالة المؤرخة في 13\11\1845، عن نيته شرح طرائقه، و قدم سردا تاريخيا موجزا لعمله المبكر، لكنه توقف عن الكتابة فجأة بعد صفحتين. و يحوي بحثان آخران أنجزهما في الوقت نفسه تقريبا القاعدة الرياضياتية التي تحدد الانحراف في مقدار نصف القطر، لكنه لم يقم بمحاولة لحسابه. لذا يبدو ان ادامز قدر أهمية سؤال ايري لكنه، لسبب ما، لم يقم بإعداد إجابة كاملة عنه.
بعد اكتشاف نبتون، كتب ادامز الى ايري رسالة يقول فيها إنه فكر في البحث بنفسه عن كوكبه الافتراضي باستعمال الآلات الصغيرة الموجودة في مرصد الجامعة. بيد انه اقر ضمنا بان عدم شرح طريقته لتشاليس او لإيري، أدى الى عدم نجاحه في إقناعهما بالدعوة الى القيام ببحث فوري عن الكوكب. ففي رسالته الى ايري يقول: "لم أكن أتوقع أن الفلكيين الرصديين، الذين كانوا مشغولين كليا بقضايا مهمة، سيولون نتائج أبحاثي كثيرا من الاهتمام، مثلما فعلت انا بالذات."
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 17:10
الهدوء الذي يسبق العاصفة
خلال النصف الاول من عام 1846، كرس ادامز أبحاثه لما بدا انه مشكلة تتطلب عملا عاجلا أكثر من غيرها، و هي حساب مدارات شظايا مذنب كان قد انشطر الى قسمين. كان ادامز غارقا أيضا في التدريس، و هذه عملية يعرف الأكاديميون المبتدئون انها لا تترك لأبحاثهم إلا القليل من الوقت. هذا وحتى الآن لم يعثر على وثيقة تبين أن موضوع اضطرابات اورانوس كان يجول في ذهن ادامز مرة أخرى حتى نهاية الشهر 6\1846، حين وصل بحث لوفرييه الى انكلترا.
عند ذلك، فقط، اقترح ايري على تشاليس تنفيذ عملية بحث عن الكوكب. و قد شارك ادامز في هذا المجهود، و حدد بالحساب المواقع الحسابية للكوكب الافتراضي في أواخر الصيف و بدايات الخريف. و قد لاحظ المؤرخ رولنز أولا أن هذه الحسابات مبنية على مدار لوفرييه الدائري، لا على نظرية ادامز. و قد بدأ تشاليس عملية بحثه عن الكوكب بتاريخ 29\7\1846. كان عمله يتميز بالإتقان و الدقة، و هذا ما يوضحه الكتاب الذي أورد فيه أرصاده. و لما كان تشاليس لا يعرف أن ثمة خريطة نجمية أصدرتها أكاديمية في برلين تتضمن الموقع السماوي قيد الاعتبار (و هي الخريطة التي كان سيستعملها كالي و درست في أواخر الشهر 9\1846)، فقد تعين عليه إعداد خريطة نجمية جديدة سجل فيها مواقع كل جرم سماوي رصده مرتين. فإذا تحرك جرم منها، فسيكون مرشحا ليكون الكوكب المطلوب. و قد استغرقت هذه المهمة وقتا طويلا، و لم يقم احد بمساعدته في عملية البحث في الرقعة الواسعة من السماء التي طلب ايري إجراء البحث فيها. و في الشهر 9\1846، كان يرصد السماء متنقلا بين 3000 نجن، فسجل مرتين—الأولى بتاريخ 4\8\1846, و الأخرى بتاريخ 12\8\1846—جرما هو الذي أصبح في وقت لاحق الكوكب الذي يسمى نبتون. و بسبب عدم قيامه مباشرة بمقارنة الموقعين، فقد فوت عليه فرصة انجاز الاكتشاف.
في تلك الأثناء، راجع ادامز حساباته التي أجملها في رسالة الى ايري بتاريخ 2\9\1846. و قد كان يعرف خلال مدة طويلة أن قانون بودي غير دقيق، و أن المدار البعيد جدا عن الشكل الدائري الذي اعتمده للكوكب الافتراضي يبدو غير سليم و خلال عطلته الصيفية أجرى حسابات جديدة موسعة و توصل إلى ما يلاءم الأرصاد هو مدار دائري صغير لكنه تابع تعديل حسابات بطريقة تعوزها البراعة و درس احتمال مدار اصغر خمن انه ربما يؤدي إلى طول بعيد عن تنبئه الأصلي و ما نعرفه الآن أن افتراضات ادامز الجديدة تلخصت في وضع الكوكب في موقع يحدث فيه تجاوب مع اورانوس و هو موقع تتراكم فيه الآثار التثاقلية و كذالك في استبعاد المسائل الرياضية التي كان يجربها لكن هذه الحسابات كانت متأخرة جدا ومن ثم لم تحث احد على البحث عن الكوكب ثمة سمة لحسابات ادامز نادرا ما يذكرها المؤرخون و في الحقيقة أنهم لم يتطرقوا إلى عقليته كلها و هي انه كان دائما يصف كوكبه باعتباره تجريدا كان الكوكب بكل بساطة مجموعة من العناصر و كأنه عمل مشعوذ رتب الأرقام بطريقة يخرج منها بصيغة صحيحة و في المقابل رتب لوفرييه موقعا محددا لكوكب الافتراضي و خمن وجود جرم فيزيائي حقيقي يحيط بالمنطقة الجليدية خارج المجموعة الشمسية و في البحث الذي أعده قدم اقتراحا جريئا مفاده أن الكوكب يجب أن يكشف في مقراب بواسطة قرصه و عندما وصل هذا الاقتراح أخيرا إلى انكلترا صار تشاليس يولي مزيدا من الاهتمام للمظهر الفيزيائي للأجرام السماوية التي كان يفهرسها و في 29\9\1848 ذكر انه يبدو وجود قرص لأحد هذه الأجرام بيد انه قبل ذلك بعدة أيام جرى تحديد موقع الجرم في مرصد برلين بوصفه كوكبا و لم يعد مجرد عالم افتراضي و قد هتف كالي بأعلى صوته قائلا (يا إلهي يوجد في السماء جرم كبير
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 17:11
البريطانيون سلبوا اكتشاف نبتون
لقد استخلصنا من مراجعتنا للوثائق الأصلية أن معاصري ادامز من البريطانيين نسبوا إليه فضلا أكثر مما يستحق، مع انه أنجز بعض الحسابات الاستثنائية الرائعة. و لا شك في انه يستحق، في المقام الأول، الشرف الذي نسب إليه لأنه طبق، مع لوفرييه، نظرية اضطرابات الحركة الكوكبية. ربما كان واثقا بدقة نتائجه، مع انه من المعروف جيدا أيضا أن الناس (و من ضمنهم المؤرخون)، بعد حدوث اكتشاف ما، يغالون في تقدير مدى تنبؤهم بحدوثه.
لكن ادامز لم يفلح قط بإرسال نتائجه إلى زملائه و إلى العالم. فالاكتشاف لا يقتصر على مجرد الشروع في تقصي مسألة مثيرة للاهتمام و تقديم بعض الحسابات المستخدمة في ذلك، إذ انه يتضمن أيضا إدراك صاحبه انه توصل فعلا إلى اكتشاف وان عليه أن ينشط في نقله إلى الوسط العلمي العالمي. فللاكتشاف جانب عام وجانب خاص. و لم ينجز ادامز سوى نصف هذه المهمة الثنائية الجانب. و من عجائب التقادير أن الخصال الشخصية جدا التي أسهمت في جعل الاكتشاف يعزى إلى لوفرييه (ألا و هي اندفاعه و صراحته مقابل خجل ادامز و سذاجته) لم تعمل لمصلحة ادامز في دوامة التلاعب بالحسابات التي حصلت بعد الاكتشاف، و تجدر الإشارة هنا إلى أن الجماعة العلمية البريطانية وقفت في هذا الصدد في صف ادامز، في حين لم يكن لوفرييه يرق لزملائه.
و تبين هذه القصة أيضا دور الحظ في الاكتشاف. و إلى حد ما، يمكن القول انه لا ادامز و لا لوفرييه تنبأ حقا بموقع نبتون، إذ بالغ كلاهما كثيرا في تقدير البعد الحقيقي للكوكب عن الشمس، لكنهما نجحا في تعيين خط طول صحيح تقريبا له، و ذلك بسبب توقيتهما المداري الذي كان رمية من غير رام. ومثل هذه الأشياء تحصل كثيرا في العلوم (و قد حدثت فعلا في اكتشاف بلوتو بعد ذلك بقرن تقريبا).و الآن، بعد أن همدت الانفعالات و الأهواء التي كانت تذكيها المنافسات القومية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر، و صارت الوثائق الأصلية متاحة للمؤرخين كي يدرسوها، يمكننا الجزم بان ادامز لا يستحق أن يعزى إليه فضل يعادل ما يستحقه لوفرييه في اكتشاف نبتون. فصاحب الفضل تحديدا هو ذلك الشخص الذي نجح في التنبؤ بموقع الكوكب، و أيضا في إقناع الفلكيين بالبحث عنه. و من ثم فان اكتشاف نبتون كان انجاز لوفرييه وحده.
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 17:13
المصدر مجلة العلوم
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 17:25
هذه بعض الصور
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 19 أغسطس 2008 - 17:39
صورة هذه الكركتير انتشرت في ذلك العصر في فرنس و هي ادامز عوضا من ان ينظر من خلال المقراب الى السما توجه الى كتاب لوفرييه الذي يحسب و يوجه نحو نيبتون
Hassan Aldib
عدد الرسائل : 651 العمر : 35 البلد : Syria-Hama تاريخ التسجيل : 13/03/2008
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الخميس 21 أغسطس 2008 - 9:19
شو هالجريدة يا محمد .......... و فوق كلشي بخط صغير ........... أنا آسف ما بعتقد أني رح أقدر أقرأها
د. فراس مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1300 العمر : 45 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 15/08/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الخميس 21 أغسطس 2008 - 9:59
شكراً على المعلومات القيمة محمد.. ولكن أين مصدر المعلومات؟؟؟؟
محمد شيخ البساتنة
عدد الرسائل : 234 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 28/12/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الخميس 21 أغسطس 2008 - 15:09
د.فراس ولو المصدر موجود بمساهمة لحالو من بين هالمساهمات
د. فراس مدير المنتدى
عدد الرسائل : 1300 العمر : 45 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 15/08/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الإثنين 25 أغسطس 2008 - 6:03
عفواً لم أنتبه وشكراً على نقل المقالة..
تامر
عدد الرسائل : 95 العمر : 32 البلد : سوريا تاريخ التسجيل : 01/09/2007
موضوع: رد: "ذاك النجم غير موجود على الخريطة" الثلاثاء 26 أغسطس 2008 - 8:16