أطلقت شركة غوغل ومصرف HSBC مشروعاً رائداً لإيصال خدمة الانترنت إلى أبناء دول العالم الثالث الفقيرة، عبر ثمانية أقمار صناعية تم بناؤها في فرنسا وستطلق بحلول عام 2010.
الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة لا تقتصر فقط على الهوة المادية، لكنها أضحت أيضاً هوة الكترونية، فشبكة الانترنت، التي أصبحت ضرورة بالنسبة لمعظم سكان الدول الصناعية، غير متوفرة لأعداد ضخمة من أبناء الدول الفقيرة. ومن أجل تجاوز هذه الهوة الرقمية الفاصلة بين العالمين، أنشأت شركة غوغل العملاقة ومصرف HSBC شركة تحمل اسم "شبكات أو .ثري. بي" (O3B Networks)، اختصاراً لعبارة (the other three billion) أي المليارات الثلاثة الأخرى من أبناء البشر، ممن لا يستطيعون الاتصال بالانترنت.
ولهؤلاء الناس بالذات، يريد مشروع "أو .ثري. بي" أن يؤمن الاتصال بالانترنت عن طريق الأقمار الصناعية. وتحتاج تغطية مساحة العالم الثالث بكامله إلى ثمانية أقمار صناعية، ستتم زيادتها في حال تنامي الطلب. أما فكرة المشروع، فقد انبثقت من غريغ وايلر، الذي يتمتع بخبرات كبيرة في هذا المجال وسبق له أن قام ببناء شبكة هواتف جوالة في رواندا. وايلر متفاؤل من التمكن قريباً من الانطلاق في المشروع الجديد، حيث تم بالفعل بناء الأقمار الصناعية المطلوبة من قبل شركة تاليس آلينيا سبيس في فرنسا، ويخطط لإطلاقها في عام 2010. ويضيف وايلر في هذا الإطار: "عندئذ سيصبح بإمكاننا تزويد شركات خدمات الانترنت وشركات الاتصالات في الدول النامية بخطوط اتصال عالية القدرة والسرعة. وتقوم هذه الشركات بدورها بإيصال هذه الخطوط إلى المستخدم".
إطلاق الأقمار الصناعية لخفض التكاليف
B تحتاج تغطية مساحة العالم الثالث بكامله إلى ثمانية أقمار صناعية وكان ارتفاع التكاليف قد أفشل قبلاً العديد من محاولات تزويد المناطق التي تقع إلى جنوب خط الاستواء بشكل كامل بالانترنت، لأن مد الكوابل المصنوعة من الألياف الزجاجية عبر مناطق صحراوية شاسعة وجبال شاهقة باهظ التكلفة. ولذلك، ففكرة استخدام الأقمار الصناعية تقلل من هذه التكاليف، الأمر الذي يوضحه وايلر قائلاً: "إن استخدام اٌلأقمار الصناعية يبطل الحاجة إلى بنية تحتية خاصة، وبالتالي لا تحتاج شركات الانترنت الصغيرة سوى إلى ألفي دولار لكي تحصل على خطوط الاتصال".
إقبال على المشروع في مراحله الأولى
خدمة الاتصال ستكون عالية القدرة والسرعة ويجد الخبراء أن اهتمام الشركات الكبرى بالعالم الثالث يعد من المؤشرات الإيجابية، وفي هذا السياق، يقول الدكتور هارتموت إينه من مركز أبحاث التنمية: "من حيث المبدأ، أجد دخول الشركات الاقتصادية ميدان التعاون على صعيد العمل التنموي شرطاً أساسياً للتنمية الاجتماعية والثقافية والقانونية والتطور الديمقراطي".
ومع ذلك يحتاج تنفيذ مشروع (أو. ثري. بي) إلى مبالغ كبيرة، فالنفقات الإجمالية للمشروع تصل إلى نصف مليار يورو، قدمت منها شركة غوغل ومصرف HSBC خمسة وأربعين مليون يورو. كذلك تحتاج الخطوات التالية للمشروع إلى ضعف هذا المبلغ، بالإضافة إلى أن القمر الصناعي الواحد يكلف 25 مليون يورو إضافية. لكن، على الرغم من تكاليف المشروع، يتوقع وايلر حجم معاملات ضخمة للمشروع، حيث يقول: "الطلب كبير جداً للحصول على خدمات انترنت ولا يمكن إشباعه الآن، وشركات الانترنت تشتري مقدماً هذه الإمكانيات، كي يتمكنوا من تزويد زبائنهم بخدمات جيدة وسريعة".